منبر إعلامي متجدد يهتم بشؤون وقضايا جهة الصحراء
trono

تصور مفترض لدمج الجرائد الإلكترونية بالصحراء في هيكل إعلامي واحد يعزز مقترح الحكم الذاتي

إضافة: بقلم بوبكر الديش

في جهتي العيون والداخلة في الأقاليم الجنوبية المغربية، حيث ينبض قلب النموذج التنموي الجديد بالطموحات الكبرى، تبدو الصحافة المحلية كجناح يحتاج إلى تعزيز ليحمل أمالنا كمواطنين ننتمي إلى المنطقة نحو الرقي والاستقلالية.

وكمواطن من أبناء جهتي العيون-الساقية الحمراء والداخلة-وادي الذهب، أرى في الصحافة ليس مجرد أداة إخبارية، بل مدرسة إعلامية يمكن أن تكون نموذجاً إقليميا لما تزخر به الأقاليم المعنية من كفاءات صامتة. ومع ذلك، يعاني القطاع من تشتت واضح: عشوائية في الإنتاج، تكرار للمحتوى، ودعم حكومي يتشتت بين مئات المنصات الإلكترونية دون تأثير ملموس.

هنا ما دفعني لطرح تصور في دمج كل عشر جرائد إلكترونية على الأقل في مجلس إداري واحد، في جسم جريدة ورقية قوية مدعومة بلسان إلكتروني حديث. هذا التصور ليس تقليصاً، بل تركيزاً للموارد، ليصبح الدعم أكثر إنتاجية للأهداف المرجوة، وتتحول الصحافة إلى صوت مسؤول يعكس طموحنا نحواستقلالية إعلامية حقيقية عن الجرائد المركزة في الدار البيضاء والرباط ضمن إطار حكم ذاتي مفترض أنه متقدم ليكون أنموذجا إقليميا .

إثر التحديات الواقعة أصلا تشتت الصحافة في الجنوب بناءً على تقارير المجلس الوطني للصحافة (2024-2025)، يبلغ عدد الصحفيين الحاصلين على بطاقة مهنية في الجهتين 236 (203 في العيون-الساقية الحمراء، و33 في الداخلة-وادي الذهب). من هؤلاء، يُقدر بنحو 70-85 صحفياً يعملون في الصحافة الإلكترونية، موزعين على 8-12 جريدة إلكترونية مرخصة محلياً، وفقاً لإحصاءات وزارة الشباب والثقافة والاتصال.

هذه الجرائد، معظمها تغطي أخباراً محلية مثل مشاريع التنمية والقضايا الاجتماعية والتطور الأممي لملف الصحراء ، لكنها تعاني من ضعف الانتشار والاعتماد على الإعلانات القليلة أو الدعم الوطني غير المباشر.أما الميزانية، فلم أجد خلال بحثي في الموضوع قيد الدرس تفصيلا دقيقاً، إلا أن الدعم الوطني للصحافة في عموم البلاد بلغ 65.6 مليون درهم في 2024، مع تخصيصات استثنائية تصل إلى 325 مليون درهم للحفاظ على المناصب -أي أنها أسباب للحد من تفاقم البطالة في مجال الإعلام – وليست للرقية بها .

في جهتي الجنوب، يندرج هذا الدعم ضمن النموذج التنموي (77 مليار درهم إجمالياً)، حيث يُخصص نصف ميزانية برنامج الإنعاش الوطني (2.3 مليار درهم) للمنطقة، لكنه يتشتت بسبب شروط الترخيص الصارمة (مثل توظيف 14 صحفياً للإلكترونية للحصول على 30% ).

ما خلف رواتب متوسطة تقدر ب 10,122 درهماً شهرياً (121,464 سنوياً)، أقل منها في جهتي الجنوب بفارق نوعي ، مما يدفع إلى هجرة الكفاءات إلى مجالات إلى خارج تخصصهم في مكاتب محاماة أو شركات خاصة ….هذا التشتت يعيق الرقي: الجرائد الإلكترونية، رغم عددها المتزايد (473 في عموم البلاد 2022)، غالباً ما تفتقر إلى تحقيقات عميقة أو تغطية استراتيجية، مما يجعل الصحافة تبدو عشوائية بدلاً من كونها ذات خطاب إعلامي هادف وبناء .

لذلك يعتبر دمج عددا لا بأس به في حدود عشرة على الأقل في مجلس إدارة واحدة تكتب ورقيا و إلكترونيا نقطة قوة يتحدث باسم مواطنين بالأقاليم الجنوبية ضمن إطار حكم ذاتي مفترض . ، يديركل مجلس جريدة ورقية دورية (أسبوعية أو نصف شهرية) مدعومة بمنصة إلكترونية متكاملة. هذا الدمج يعتمد على مدونة الصحافة (قانون 88.13)، مع الحفاظ على التراخيص الفردية كـ”مساهمات” في الهيكل الجديد المفترض .

مثال عملي على ما أسلفت : المجلس الإداري المفترض كتصور يضم ممثلين كمساهمين عن كل جريدة في جسم هيكل واحد ، مع انتخاب رئيس يدير الإنتاج المشترك. يُخصص 40% من الدعم للإنتاج الورقي (طباعة وتوزيع في المدن الجنوبية)، و60% للإلكتروني (تطوير تطبيقات، تحقيقات رقمية).

هذا يغطي 70-85 صحفياً، مع تكوين مشترك للرفع من مستوى المهنية والمسؤولية. بدلاً من تشتيت 65.6 في عموم صحافة البلاد ، يُخصص 10-15% إقليمياً (حوالي 6-10 ملايين درهم) لهذه الهياكل، بناءً على شروط جديدة: كتوظيف 12 صحفياً للورقي، و14 للإلكتروني، مع دعم يصل إلى 50% من التكاليف للمؤسسات الصغيرة. .

مهنية: إنشاء “مدرسة إعلامية” داخل المجالس، مع دورات تكوينية حول الأخلاقيات والتحقيقات، لتكون نموذجاً إقليميا – تلغطية التنمية المستدامة، حقوق الإنسان، ومراقبة تنزيل الحكم الذاتي المفترض .
وقد يؤدي هذا التصور المفترض إلى الحد من “الصحافة السطحية” التي تُغذي الشائعات، ليصبح الإعلام شريكاً في التنمية المجالية المندمجة .

هذا التصور المفترض ليس حلا ولا توصية بقدر ماهو دعوة للنقاش العمومي كمواطنين نأمل بمستقبل مزدهر يسوده الوعي وروح المسؤولية في نقل الخبر وتغطية الأحداث وإدراك الظواهر الإجتماعية بغية تحليلها و محاولة تفسيرها كل حسب اختصاصه من نافذه يقودها الإعلام المحلي ، بنفس قوي يواكب تطورات العصر والتحولات القيمية للأمم .