منبر إعلامي متجدد يهتم بشؤون وقضايا جهة الصحراء
trono

من قلب الرباط: لحبيب عيديد يبرز أدوار نموذج الصحراء التنموي في صون الثقافة الحسانية

إضافة: العيون

إحتضنت العاصمة الرباط الأسبوع الجاري، فعاليات الدورة الثالثة لمهرجان خيمة الثقافة الحسانية، التي ينظمها المنتدى الوطني للتراث الحساني تحت شعار “النموذج التنموي الجديد في خدمة الثقافة الحسانية وعمقها الإفريقي”.

وتندرج الدورة المنظمة بشراكة مع وزارة الشباب والثقافة والتواصل، وولاية جهة الرباط، في إطار النهوض بالثقافة والتراث الحسانيين وإيلائهما المكانة والعناية اللائقة بهما باعتبارهما رافدا من روافد الهوية المغربية الموحدة.

وفي مداخلة قييمة خلال فعاليات الملتقى، أبرز الباحث المعروف بالصحراء، لحبيب عيديد، جوانب متعددة من أدوار النموذج التنموي للأقاليم الجنوبية في صون التراث الثقافي الحساني، مؤكدا أن التراث الثقافي الحسَّاني عبر سيرورته شكل وعاءً انصهرت فيه الخبرات والتجارب الإنسانية والأنماط السلوكية مع الإنسان والمجال، لتنتج زادا معرفيا ميَّز إنسان الصحراء وأثرى إبداعاته الأدبية وعطاءاته الفكرية والفنية والجمالية، ليتحوَّل من مُنْـتَـج فردي إلى ذاكرة جماعية.

وأضاف لحبيب عيديد، في مداخلته العلمية أن التراث الثقافي الحسَّاني يعتبر نظام متكامل من تفاعلات تراثية وأنثروبولوجية وعلاقات إجتماعية وإبداعات فنية وممارسات لطقوس وعادات مميِّزة، وهو كذلك نتاج تلاقح ثقافي أصيل وعميق بين مكوِّنات ثقافية وطنية وعربية وإفريقية وإنسانية.

وأشار المتحدث إلى أن هذا التراث الثقافي، حسب العديد من الدارسين، يتسم بندرة الكتابة وقلة وسائلها في مجتمع بدوي، حيث كانت التعبيرات الشفاهية وسيلة بغاية التواصل مكنت أهل الصحراء من نقل معارفهم وتجاربهم وحفظ ذاكرتهم الجماعية.

ولتفعيل هذه الذاكرة، يقول عيديد أن التراث الثقافي الحسَّاني لايزال يحتاج إلى مجموعة من القواعد لفهمه ودراسته، بُغية اكتشاف أبعاده ودلالاته، ومدى ارتباطها، أو انفصالها عن مكوِّنات التراث الثقافي الشعبي في الوطن العربي. وتٌعين هذه القواعد، على استنباط الجوانب النفسية الكامنة وراء إنتاج هذه الثقافة كمحتوى معرفي يعبِّر عن المنظومة الفكرية للمجتمع الذي أنتجها.

وخلص لحبيب عيديد في مداخلته إلى أن سياق الوعي بأهمية صون التراث الثقافي الحسَّاني المادي منه وغير المادي، يكون ضروريّاً عبر صيانته وتثمين مختلف مظاهر وأوجهه العريقة والغنية، إلى جانب العمل على إنقاذ المهارات الأصيلة المتوارثة في شتى الميادين، المهدَّدة بالاندثار بفعل عوامل التمدين والحداثة، والتحوُّلات الكاسحة في نمط العيش وتراجع العلاقة بين الأجيال المتعاقبة وتعطل سبل النقل العتيقة بينها، مع ما يستدعيه ذلك من وضع لمناهج علمية وآليات ناجعة وأدوات فعالة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من هذا الموروث الأصيل والسهر على استدامته وضمان نقله إلى الأجيال المقبلة بوصفه مكوِّناً أساسيّاً من مكوِّنات الهوية الوطنية.

وغير خاف يختتم عيديد لحبيب مداخلته العلمية بالقول أن التراث الثقافي الحسَّاني قد حقق طفرة نوعية منذ توقيع المغرب على اتفاقية اليونسكو الرَّامية إلى صون التراث الثقافي غير المادي سنة 2003، مروراً بدسترة الحسانية وتنزيل مقتضيات النموذج التنموي الجديد بالجهات الجنوبية الثلاث وخاصة جهة العيون الساقية الحمراء.